إن الإسلام دين كل الأنبياء من لدن أولهم آدم عليه السلام إلى آخرهم وخاتمهم محمد صلوات الله عليهم أجمعين وسلم
وقد اشتمل على المحاسن والكمال والصلاح والرحمة والعدل والحكمة ما يشهد لله تعالى بكمال صفاته وشمول علمه وحكمته في كل ما شرعه لعباده،
حقًّا وأنه الصادق المصدوق، الذي لا ينطقِ عن الهوى. ويشهد لنبيِّه صلى الله عليه وسلم أنه رسول الله
ومحاسن الدين الإسلامي عامة في جميع مسائله ودلائله، وفي أصوله وفروعه، وفي ما دل عليه من علوم الشرع والأحكام، وما دل عليه من علوم الكون والاجتماع،
فمن محاسنه: أن أصله الإيمان بالله وثمرته السعي في كل ما يحبه ويرضاه، وإخلاص ذلك لله، وأنه دين أمر بالإيمان بكل ما أوتيه الأنبياء والتصديق برسالاتهم، والاعتراف بالحق الذي جاؤوا به من عند ربهم، وأنهم كلهم رسل الله الصادقون، والأمناء المخلصون
قال تعالى: ﴿ قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ﴾ [البقرة: 136]
ومن محاسنه: ما شرعه من الأحكام كالصلاة والصيام والزكاة والحج للحفاظ على الدين وإصلاح المجتمع، وتنظيم حياة الإنسان، مما يبعث في النفس الراحة والطمأنينة والسعادة، وقد روعي فيها التخفيف والتيسير على العباد:
فالذي يتأمل الصلاة يجد أنها من أفضل الأعمال، ومع ذلك لا تجب في اليوم والليلة إلا خمس مرات، سبع عشرة ركعة، من لم يستطع القيام فيها يصلي قاعدًا، فإن لم يستطع فعلى جنب، يتطهر بالماء، فإن عدمه أو تضرر باستعماله تطهر بالتراب، والصلاة أثرها عميق في تهذيب النفوس، ووقايتها من الفحشاء والمنكر، وتطهيرها من غرائز الشر التي تفسد على الإنسان حياته، قال تعالى: (إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ)[العنكبوت: 45]
ومن تأمل يجد أيضا أنها تذكر المسلم بربه في اليوم خمس مرات، ويجد الحكمة العظيمة في تحديد أوقات الصلوات حيث جاءت أوقاتها مناسبة مع ما يسعى له الإنسان من أسباب معيشته ومراعية لما يحتاجه من الراحة والنوم ونحو ذلك وهذا فيه تعليم للأمة أهمية الوقت وتنظيمه واستغلاله بالنافع المفيد، وفيه أن الإسلام دين نظام وإتقان، رتب حياة الإنسان على ما يوافق مصالحه.
والزكاة فيها إصلاح حال الفقير، وسد حاجة المسكين، وقضاء دين المدين، والتخلق بأخلاق الكرام من السخاء والجود، والبعد عن أخلاق اللئام، وهي مظهر عظيم من مظاهر التعاون والتكافل والتضامن، وعامل قوي في تأكيد روابط الأخوة الدينية بين المسلمين، قال تعالى ﴿ إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾ [التوبة: 60]
وهي تؤخذ من الأغنياء وترد على الفقراء، ثم إن أحق الناس بها فقراء البلد الذي أخذت منه، فلا يجوز نقلها إلى بلد آخر إلا في حالات مخصوصة، فأنعم به من نظام أرشد إلى حُسْن إدارة الأموال وتنظيمها.
لقد وصل الأمر في الماضي زمن بعض الحكام العادلين إلى أن فاض المال واستغنى البشر في ذلك الزمن، وكان الخلفاء يعطون الناس عطاء من لا يخشى الفقر وهذا النجاح حصل حين طبقت مبادئ الإسلام الحسنة في الزكاة جمعًا وتصريفًا.
أما حين ينتشر الظلم وتمنع الزكاة، أو توزع توزيعًا جائرًا، فحينئذ يكثر الفقر والفاقة وتزداد المشاكل والفوضى في المجتمع كما نشاهد هذا في أيامنا.
وأما صوم رمضان فإنه يصومه المقيم القادر، وهو شهر في العام، فإن كان مريضًا أو على سفر فيقضي ما فاته في أيام أخر، والصوم وسيلة لتقوى الله، وتخليص للإنسان من كدرالتعلق بالدنيا وسلطانها، ونقل له إلى درجات عالية من السمو الإيماني وفيه تعويد على ترك المألوف، واستفراغ لما في الجسم من مواد فاسدة، وما زال الطب الحديث يظهر كل يوم فوائد الصيام، والحكمة في تحديده بشهر رمضان، ولماذا كان في العام شهرًا واحدًا.
فالصيام عبادة للرب وطهارة للنفس، وسبب في التكافل والتعاون، وتقديم يد العون للفقير والمسكين، وبه يشعر الغني بما يشعر به الفقيرمن الجوع والتعب فيحسن ويتصدق ويبتعد عن ازدراء نعمة الله عليه.
وفي الحج مصلحة الفرد والمجتمع وفيه بذل الأموال وتحمل المشقات طلبًا لرضا الله، وفيه التعظيم والخضوع التام للَّه، والتذكر لأحوال الأنبياء والمرسلين والأصفياء والمخلصين، وتقوية الإيمان بهم، وشدة التعلق بمحبتهم، والتعارف بين المسلمين والسعي في جمع كلمتهم، واتفاقهم على مصالحهم الخاصة والعامة، فإنه من أعظم محاسن الدين وأجل الفوائد الحاصلة للمؤمنين، وهو فريضة قائمة دائمة إلى قيام الساعة قال تعالى: ﴿ وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ * لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ ﴾ الحج: 27، 28
فالحج مؤتمر عام يجتمع فيه المسلمون من مشارق الأرض ومغاربها، وقد تحركت مشاعرهم، وتوحدت أهدافهم، يؤدون عبادة واحدة، ويطوفون حول بيت واحد، ويجهرون بالتلبية لإله واحد، مغتبطين بالاجتماع على طاعته، متسابقين في الشكر على جزيل فضله، وعظيم إفضاله، كلهم بلباس واحد، ومواقف محددة، ليس للغني فضل على الفقير في شيء من مناسك الحج وشعائره، إذ أصبحوا بنعمته إخوانًا، لا فضل لعربي فيهم على أعجمي ولا لأبيض على أسود إلا بالتقوى.
ومن محاسن الدين الإسلامي أن شرائعه السماوية جميعها دعت إلى حفظ الكليات الخمس:
1- حفظ الدين: وذلك بالثبات على عبادة الله تعالى وترك عبادة غيره من الأحجام والأشكال لأن خالق العالم غني عنه ولا يشبهه ولذا كان رسول الله عليه الصلاة والسلام يمشي بين عبدة الأصنام والأوثان ويدعوهم لما فيه فلاحهم ونجاحهم في الدنيا والآخرة وذلك بأن يؤمنوا بالله الواحد الأحد الذي لا يحتاج لشئ من العالم وكان يقول لهم قولوا لا إله إلا الله محمدٌ رسول الله تفلحوا، والثبات على أن لهذا العالم خالقًا خلقه وهو الله وهو القادر على كل شئ المالك لكل شئ وهو وحده يملك الضر والنفع، وحفظ الدين والثبات عليه فيه الفوز بالسعادة الأبدية بدخول الجنة العالية الغالية التي هي خير من الدنيا وما فيها ولا يقاس نعيم أقل واحد فيها بكل نعيم الدنيا.
2- حفظ النفوس: ولذا حرم الله اقتتال المسلمين فيما بينهم وسفك دمائهم، وتوعد على ذلك بالوعيد الشديد قال الله تعالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} سورة النساء آية: 93، وجعل القتل كبيرة من كبائر الذنوب، وهو أحد السبع المهلكات قال – صلى الله عليه وسلم -: (اجتنبوا السبع الموبقات) وذكر منها قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق .
وقال – صلى الله عليه وسلم -: (لا ترجعوا بعدي كفارًا يضرب بعضكم رقاب بعض) رواه البخاري ومسلم، ولحفظ <النفوس وجب قتل القاتل عمدًا ليأمن الناس على أنفسهم قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى} سورة البقرة: من الآية 178، وقال تعالى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} سورة البقرة: آية 179 أي تنحقن بذلك الدماء، لأن من عرف أنه مقتول إذا قتل لا يكاد يقدم على القتل، وإذا رئي القاتل مقتولًا انذعر بذلك غيره وانزجر، فلو كانت عقوبة القاتل غير القتل لم يحصل انكفاف الشر الذي يحصل بالقتل، ومن الأمثال العربية (القتل أنفى للقتل)، وهكذا سائر الحدود الشرعية فيها من النكاية والانزجار ما يدل على حكمة الحكيم الخبير بمصالح خلقه.
3- حفظ العقول: ولذا حرم الله كل مسكر وكل مخدر ومفتر كالخمر والحشيش والأفيون قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} سورة المائدة: آية 90 والخمر ما خامر العقل: أي غير العقل مأكولاً أو مشروباً، وهي أم الخبائث، وجماع الإثم، ومفتاح كل شر، فمن لم يجتنبها فقد عصى الله تعالى، واستحق العذاب بمعصية الله، وحرم الله الخمر لما اشتملت عليه من المفاسد وإطفاء جوهرة العقل، فالخمر تذهب المال وتذهب العقل، ولو لم يكن فيها من المخازي إلا نقص الدين، وذهاب المال، وتشويه السمعة، وسقوط العدالة لكفى العاقل أن يجتنبها، فكيف وأنها أم الخبائث والرذائل؟.
4- حفظ المال: فحرم الله السرقة وهي أخذ مال الغير خفية بغير رضاه، وهي من الذنوب الشنيعة، وقد حذر منها الشرع تحذيرا بالغا قال الله تعالى-: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} سورة المائدة: آية 38
5- حفظ الأنساب: فحرم الله الزنى ووسائله من النظر المحرم، والكلام المحرم، والسماع المحرم لما في الزنى من انتشار الأمراض، وانتهاك الأعراض، واختلاط الأنساب، فينسب الولد إلى غير أبيه، ويرث من غير أقاربه، فيحصل بذلك من الظلم والمفاسد ما الله به عليم {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا} سورة الإسراء: آية 32، والنهي عن قربانه أبلغ من مجرد النهي عنه أي لا تحوموا حوله ولا تعملوا الوسائل الموصلة إليه.
وحرم الله قذف الأبرياء بالزنى بأن يقول لامرأة عفيفة: يا زانية، أو يا عاهرة، أو يقول لزوجها: يا زوج العاهرة، أو يقول لولدها: يا ولد الزانية، أو يا ابن العاهرة، أو يقول لبنتها: يا بنت الزانية، أو يا بنت العاهرة، فإن العاهرة عبارة عن الزانية وتوعد على ذلك بالوعيد الشديد قال الله تعالى : {إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ* يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} سورة النور: 23، 24 بيَّن الله تعالى في هذه الآية أن من قذف امرأة محصنة حرة عفيفة عن الزنى بأنها قد فعلت الفاحشة أنه ملعون في الدنيا والآخرة، وله عذاب عظيم، وفي الصحيحين أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: (اجتنبوا السبع الموبقات، وذكر منها قذف المحصنات الغافلات المؤمنات)، وكثير من الجهال واقعون في هذا الكلام الفاحش ولذا قال صلى الله عليه وسلم : (وهل يكب الناس في النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم).
وبحفظ هذه الكليات والقواعد الشاملة يأمن الناس على دينهم وأنفسهم، وعقولهم وأنسابهم، وأموالهم وأعراضهم، وإذا عرفوا ما يترتب على مخالفة ذلك كان أدعى لأن يرتدعوا عن هذه الجرائم، ويفوزوا بالسعادة في دينهم ودنياهم وآخرتهم، وهذه الكليات فيها من المنافع والمصالح الخاصة والعامة ما يعرف به العاقل حسن الشريعة وجمالها وعدلها.
ومن محاسن الدين الإسلامي أنه ما حرم شيئًا على الناس إلا عوضهم خيرًا منه،
حرم عليهم الاستقسام بالأزلام، وشرع لهم دعاء الاستخارة، وحرم عليهم الربا، وعوضهم التجارة الرابحة
وحرم عليهم القمار وعوضهم منه أكل المال بالمسابقة بالخيل والإبل والسهام، وحرم عليهم شرب المسكرات، وعوضهم عنه بالأشربة اللذيذة والنافعة للبدن، وحرم عليهم الخبائث من المطعومات، وعوضهم عنها بالمطاعم والطيبات وحرم على الرجال الحرير، وعوضهم منه أنواع الملابس الفاخرة من الصوف والكتان والقطن.
ومن محاسن الإسلام أنه دعا إلى استعمال العقل وتفعيل دوره للوصول للصلاح والفلاح، قال تعالى: ﴿وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير﴾ سورة الملك 10 وأن كل ما جاء به الشرع موافق للعقول الصحيحة السليمة، فليس في شريعة الإسلام ما تحيله العقول، وإنما فيه ما تشهد العقول السليمة بصدقه ونفعه وصلاحه، وكذلك أوامره ونواهيه كلها عدل لا ظلم فيها، وكلما تدبر اللبيب أحكامه ازداد إيمانًا بهذا الأصل، وعلم أنه تنزيل من حكيم خبير، قال تعالى: ﴿ الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ ﴾ سورة هود: 1، وقال تعالى: ﴿ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا ﴾ سورة النساء: 82، وقال تعالى: ﴿ أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ﴾ سورة الملك: 14
ومن محاسن الإسلام: أنه أرشد إلى حسن المعاملة والإحسان للجار والعطف على القريب والأخلاق العالية حتى إن الرسول محمدًا عليه الصلاة والسلام قال: إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق. وحذر من الكذب والخيانة والخداع والبهتان وقول الزور.
ومن محاسن الإسلام: أنه دعا للتكافل بين الأفراد بحيث يحمل قويهم ضعيفهم ويقوم قادرهم بحق عاجزهم، وتكافل أوسع وأكبر يشمل الأمة الإسلامية كلها، فهم أمة واحدة، ينبغي أن يشدَّ بعضها أزر بعض، وأن يكونوا يدًا واحدة في مواجهة المصائب والكوارث.
ومن محاسن الإسلام: أنه أبطل كل الفوارق التي تميز بين الناس من الجنس واللون، واللغة والنسب، والأرض والطبقة، والمال والجاه، وربط هذه المساواة بشعائره اليومية والأسبوعية والسنوية، ليتأكد الناس أنهم سواسية كأسنان المشط، لا فضل لأبيض على أسود، ولا لغنيّ على فقير إلا بالتقوى، ولهذا كانت المجتمعات الإسلامية لها الريادة بنبذ التمييز العنصري، أو اللوني، أو الطبقي الذي عرف في بعض المجتمعات قديمًا وحديثًا.
إن هذه الأركان العظيمة والركائز المتينة التي يقوم الإسلام عليها، جاءت لتؤكد أن الإنسان خلق لهدف سام ولم يخلق عبثًا يأكل ويشرب ويتمتع كما تفعل البهائم.
ومحاسن الإسلام كثيرة لا تحصى، فإذا جئنا إلى تنظيم الإسلام شؤون الأسرة والعلاقات المشتركة بين المسلمين أنفسهم، وبين المسلمين وغيرهم لوجدنا جمال الشريعة وحسنها وكمالها.
بل إن الإسلام لم يغفل جانب التعامل مع المخلوقات الأخرى كالجن والبهائم والجمادات وغيرها، فأعطى لكل ذي حق حقه، ولم يُتوفَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- إلا وقد أكمل الله به الدين وأتم به النعمة، وأظهر به محاسن الشرع الحنيف.
فلله الحمد في الأولى والآخرة، وله الحكم وإليه ترجعون.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.