الحمدُ لله ربِّ العالمين والصلاةُ والسلامُ على سيّدنا محمّدٍ الصادقِ الوعدِ الأمينِ وعلى إخوانِهِ النبيّينَ والمرسلينَ ورضيَ اللهُ عن أمهاتِ المؤمنينَ وألِ البيتِ الطاهرينَ وعنِ الخلفاءِ الراشدينَ أبي بكرٍ وعمرَ وعثمانَ وعليٍّ وعن الأئمةِ المهتدينَ أبي حنيفةَ ومالكٍ والشافعيِّ وأحمدَ وعن الأولياءِ والصالحينَ،
في الصحيحين واللفظ للبخاري عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن رجلا من اليهود، قال له يا أمير المؤمنين: آيةٌ في كتابكم تقرءونها لو علينا معشر اليهود نزلت لاتخذنا ذلك اليوم عيدا.
قال أي آية؟
قال: اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا،
قال عمر: قد عرفنا ذلك اليوم والمكان الذي نزلت فيه على النبي صلى الله عليه وسلم وهو قائمٌ بعرفة يوم جمعة.
فيوم عرفة له فضائل متعددة:
منها أنه يوم نزول آية إكمال الدين وإتمام النعمة.
ومنها أنه عيد لأهل الإسلام كما قاله عمر ابن الخطاب وابن عباس رضي الله عنهم، فإن ابن عباس قال نزلت في يوم عيدين يوم جمعة ويوم عرفة، وروي عن عمر أنه قال وكلاهما بحمد الله لنا عيد. خرجه ابن جرير في تفسيره
ومنها أنه روي أنه أفضل الأيام، خرجه ابن حبان في صحيحه من حديث جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (أفضل الأيام يوم عرفة).
ومنها أنه يوم مغفرة من الذنوب والتجاوز عنها والعتق من النار والمباهاة بأهل الموقف كما في صحيح مسلم قالت عائشة إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدا من النار من يوم عرفة وإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة فيقول ما أراد هؤلاء).
يقول النووي في شرح مسلم قال القاضي عياض قال المازري:
معنى (يدنو) في هذا الحديث أي تدنو رحمته وكرامته، لا دنو مسافة ومماسة، قال القاضي يتأول فيه ما سبق في حديث النـزول إلى السماء الدنيا، كما جاء في الحديث الآخر من غيظ الشيطان يوم عرفة لما يرى من تنـزل الرحمة، قال القاضي وقد يريد دنو الملائكة إلى الأرض أو إلى السماء بما ينـزل معهم من الرحمة ومباهاة الملائكة بهم عن أمره سبحانه وتعالى. اهـ
وخرج مالك في الموطأ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (ما رؤي الشيطان يوما هو فيه أصغر ولا أدحر ولا أحقر ولا أغيظ منه في يوم عرفة) وما ذاك إلا لما رأى من تنـزل الرحمة وتجاوز الله عن الذنوب العظام إلا ما أري يوم بدر، قيل: وما رأى يوم بدر يا رسول الله، قال أما إنه قد رأى جبريل يزع الملائكة (أي يصف الملائكة للقتال).