إِنَّهُ مُحَمَّد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قُصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر ابن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان ثم اختلفت الروايات من بعد عدنان إلى إسماعيل بن إبراهيم عليه السلام.
كان مولده صلى الله عليه وسلم في عام الفيل. وفي ذلك الوقت كان يحكم اليمن رجل من الحبشة إسمه أبرهة الأشرم وكان كافرًا، إغتاظ لما رأى الناس يذهبون إلى مكة ولا ياتون إليه ويسمع عما يحصل من خير هناك فأراد ان يهدم الكعبة، وليصرف الناس عنها ويأتوا إليه ببناء معبد عظيم مرصع بالجواهر.
ثم جهز جيشًا عظيمًا يتقدمه الفيلة فلما علمت القبائل العربية انه يريد هدم الكعبة كانوا كلما مر من امام قبيلة خرجوا إليه لمحاربته ولأن الفيلة كانت في مقدمة الجيش لم يستطيعوا أن يوقفوه ويمنعوه مما يريد حتى وصل إلى مشارف مكة. وما أن حاول الجيش أن يقترب متهيئًا للدخول حتى برك الفيل وقعد فبعثوه فأبى فضربوه فابى، فوجهوه إلى اليمن راجعًا فقام يهرول ووجهوه إلى الشام ففعل مثل ذلك وإلى المشرق ففعل مثل ذلك فوجهوه إلى الحرم فأبى، فأرسل الله طيرًا من البحر وكان مع كل طير ثلاثة احجار حجران في رجليه وحجر في منقاره، فرموا الحجارة على الجيش فهلكوا ولم يدخلوا الحرم. قال القرطبي: “وكان أصحاب الفيل ستين الفًا”. ففي ذاك العام ولد سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم في مكانٍ يُعرَفُ بِسوقِ الليل. قال بعض العلماء: كانت قصة الفيل توكيدًا لأمره وتمهيدًا لشأنه. وسمي بعام الفيل لأن العرب كانوا يسمون العام بأشهر حادثة حصلت فيه.
أمه ءامنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرة، ولقد ظهرت قبل ولادته البشائر التي تدل على رفعة شأنه، منها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما حملت به ءامنة بنت وهب كانت تقول ما شعرت أني حملت به، ولا وجدت له ثقلة كما تجد النساء، وأتاني ءات وأنا بين النائم واليقظان فقال: هل شعرت انك حملت ؟ فكأني أقول ما ادري، فقال: إنك قد حملت بسيد هذه الأمة ونبيها.
وقال بعض العلماء ممن الف في قصة المولد الشريف أن ءامنة بنت وهب حملت برسول الله صلى الله عليه وسلم عشية الجمعة أول ليلة من رجب وإن ءامنة لما حملت برسول الله صلى الله عليه وسلم كانت ترى الطيور عاكفة عليها إجلالاً للذي في بطنها وكانت إذا جاءت تستقي من بئر يصعد الماء إليها إلى رأس البئر إجلالاً وإعظامًا لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرت بذلك زوجها عبد الله فقال: هذه كرامة للمولود الذي في بطنك قالت: وكنت أسمع تسبيح الملائكة حولي وسمعت قائلاً يقول هذا نور السيد الرسول، ثم رايت في المنام شجرة وعليها نجوم فاخرة أضاء نورها على الكل وبينما أنا ناظرة إلى نورها واشتعالها إذ سقطت في حجري وسمعت هاتفًا يقول: هذا النبي السيد الرسول.
وقد روي أن ءامنة قالت لما وضعته صلى الله عليه وسلم: “لقد علقت به فما وجدت له مشقة. وأنه لما فُصل خرج له نور أضاء له ما بين المشرق والمغرب. ووقع على الأرض معتمدًا على يديه قد شق بصره ينظر إلى السماء، وإنه ولد مختونًا مسرورًا “.