الحمدُ لله والصلاةُ والسلامُ على سيدِنا محمدٍ الطاهر الأمين المبعوثِ رحمةً للعالمين وعلى ءالهِ وأصحابِهِ أجمعين.
بعد مولدِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم بسنتين، إستعادَ الملكُ سيفُ بنُ ذي يزن حكمَه على اليمنِ، فجاءتْهُ الوفودُ منَ الجزيرةِ العربيةِ مهنئةً له.
وجاء عبدُ المطلب وعددٌ من وجهاء وشعراءِ قريش ولما استأذنوا ودخلوا قصرَه، تكلمَ عبدُ المطلب نيابةً عنهم فأُعجِبَ الملِك بمنطِقِهِ ولَفظِهِ ثم استضافَهم شهرًا من الزمن.
وبعد مُضي الشهرِ أرسلَ الملكُ خلفَ عبدِ المطلب وقالَ له: إنني سأُفْضي إليكَ بسرٍّ لا أبوحه لغيرِك، فاحتفظْ به حتى يأذنَ اللهُ عزَّ وجلَّ فيه، إني أجدُ في الكتبِ القديمةِ عندنا أنه إذا وُلِدَ بِتِهامةَ غلامٌ بينَ كتفيهِ علامة، كانت له الإمامة، ولكم به الزعامة، إلى يوم القيامة.
وعندما استوضَحَه عبدُ المطلب عنْ كلامِه هذا، قال الملكُ: هذا حينه الذي يولد فيه أو قد وُلِدَ، اسمهُ محمد، يموتُ أبوهُ وأمه، ويَكفلُه جده وعمه، واللهُ باعثه جهارًا، وجاعلٌ لهُ منّا أنصارًا، يعبدُ الرحمنَ ويَدحَرُ الشيطانَ، وأنتَ جده يا عبد المطلب، فَدُهِشَ عبدُ المطلبِ لسماعِ الخبرِ.
وعندما سأله الملكُ هل وُلِدَ محمدٌ؟ فأجابَه بنعمٍ.
قال: احفظْ حفيدَك من اليهود فإنهم أعداء، ولن يجعل الله لهم عليه سبيلا، وأخفِ ما ذكرتُ لكَ عنْ رفاقِكَ كي لا يؤذوه، ولولا أني أتوقعُ موتي لذهبتُ معك إليه وحميته. ثم أمرَ بهدايا ثمينة وأعطاها للوفدِ وضاعفَ الهدايا لعبدِ المطلبِ الذي لما عادَ إلى مكةَ زادَ اهتمامُه أكثرَ برسولِ الله صلى الله عليه وسلم، ولم تمضِ سنةً حتى ماتَ سيفُ بنُ ذي يَزَنْ.