الشعور المجتمعي

إن الشعور المجتمعي هو إحساس بالمسؤولية، وصدق في الانتماء، وقيام كل فرد بواجبه تجاه مجتمعه، كل حسب موقعه ووظيفته، ويؤدي أمانته بكل كفاءة وتميز، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:« كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته، الإمام راع ومسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهله ومسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها. والذي يدفع الفرد لذلك إيمانه بالله تعالى، والرغبة الصادقة في خدمة مجتمعه ورقيه وتقدمه، قال النبي صلى الله عليه وسلم :«على كل مسلم صدقة». قالوا: فإن لم يجد؟ قال:«فيعمل بيديه فينفع نفسه ويتصدق». قالوا: فإن لم يستطع؟ قال: «فيعين ذا الحاجة الملهوف». قالوا: فإن لم يفعل؟ قال :«فيأمر بالخير». قالوا: فإن لم يفعل؟ قال: «فيمسك عن الشر، فإنه له صدقة».

وتعزيزًا لهذه المعاني تقوم دار الفتوى بحث وترشيد الرجال والنساء والشباب والشابات للعمل وكسب الرزق، ونبذ العجز والكسل وملء الفراغ بالنافع والمفيد وأن لا يكون كالماء الراكد الذي سرعان ما يَفسد ويتغير لونه وطعمه ورائحته، وتنشر بينهم ثقافة العمل التطوعي عامة وعند حلول الأزمات والكوارث خاصة لأن العطالة والبطالة قد تكون خطرًا تأتي بالفساد كالاعتداء على أملاك الغير بالسطو والسرقة وتؤدي لإدمان المخدرات وترويجها والجرائم المنظمة التي تعاني منها بعض المجتمعات في السويد، وبهذا التعاون والتآزر والشعور المتبادل تتقدم المجتمعات وتتقوى العلاقات وتتقوم السلوكيات، ويرتفع البنيان، ويزداد العمران فيصبح مجتمعًا مترابطًا متلاحمًا متوادًّا متراحمًا كالجسد الواحد، متماسك البنيان، قوي الأركان، شعاره التكافل والتطوع، يمد فيه أبناؤه يد العطاء الحانية لتبسط الأمل والرحمة، وتنفس عن الملهوف، وتبذل المعروف، فتُثمر خيرًا وبركة في المجتمع بأسره :« والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه».

وتؤمن دار الفتوى أنه بتوفر هذه المعاني نصل إلى الأمن والأمان المجتمعي الذي من أسبابه الحفاظ على صحة الفرد والأسرة والمجتمع فهي تهتم بتوجيه هذه الأفراد للأخذ بأسباب الوقاية من الأمراض والعدوى والأوبئة، وتربيهم على الاقتصاد في المعيشة وترشيد الاستهلاك والحذر من الإسراف والتبذير وتحذرهم من الترف والتنعم لئلا يؤدي ذلك إلى كفران النعم وازدرائها.

وبما أن الحياة ميدان عمل وكفاح، وتفاؤل ونجاح، ولا تخلو من عسر ويسر، ومتاعب وشدائد، كما قال سبحانه:( لقد خلقنا الإنسان في كبد) تتبنى دار الفتوى مبدأ التفاؤل أسلوب حياة ومنهج تعامل وتدعو لذلك، وتوجه أفراد المجتمع للنظر إلى الجانب المضيء في كل شيء والاسبشار بالخير، فينتقل الإنسان بالتفاؤل والأمل إلى التفاعل والعمل؛ وهذا ما حثنا عليه النبي صلى الله عليه وسلم فقال:« إن قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة، فإن استطاع أن لا تقوم حتى يغرسها فليغرسها». لأن الاستكثار من غرس فسائل الخير ينتفع به الوطن والمجتمع، ويكون الإنسان نفّاعًا في حياته، فالإيجابية هي اكتساب الصفات والمهارات النفسية والعملية التي تحقق السعادة للمرء وللآخرين، وتمكنه من التغلب على الضغوط، وحسن التعامل مع الظروف، والاستثمار الجيد للواقع، واستشراف المستقبل الزاهر، والابتعاد عن كل ما يجلب اليأس والمعاني السيئة؛ فمن الإيجابية أن لا يستمع المرء للمثبطين الذين يعوقون الناس عن كل خير، فمصاحبة النفاعين تحفز الهمة، وتدل على الصواب، وتشجع على العمل، فيحافظ المرء على تقدمه وإنجاز طموحاته.

إن الحل الأمثل للكثير من المشكلات يكمن في حسن التعامل معها، ومعالجة أخطاء الآخرين، فننصح الناس بالحسنى، ونوجه الأبناء للأفضل، ونذكر الناسي، ونعلم الجاهل، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلم أصحابه طلب معالي الأمور وكمالها ابتغاء الرقي بأنفسهم وأعمالهم، فقال صلى الله عليه وسلم:« فإذا سألتم الله فسلوه الفردوس، فإنه أوسط الجنة وأعلى الجنة».

ومن التفاؤل أن يكون المرء طيّب القلب في أقواله، فينطق بالكلمات السديدة، والألفاظ الحكيمة، يشجع ولا يثبط، ويبشر ولا ينفر، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :« بشروا ولا تنفروا». فالكلمة الإيجابية لها أهميتها الكبرى، فهي تأخذ بمجامع القلوب، ويبقى أثرها الجميل في النفوس، ويؤجر صاحبها، قال صلى الله عليه وسلم :« الكلمة الطيبة صدقة».

فالزوج المثاليّ ينظر دائما إلى الجانب المضيء في زوجته، وكذلك الزوجة مع زوجها؛ لتدوم المحبة بينهما، وكبير السن يعتني بصحته، ويمارس الرياضة، ويجدد نشاطه، ويقبل على الحياة وينعم بها، والمتقاعد يستثمر وقته في القراءة والاطلاع، فينفع أبناءه وأحفاده بخبرته، ويمنحهم من عمق ثقافته، ويتقرب إلى الله تعالى بطاعته، وبالمشاركة في الأعمال التطوعية، فلا ينقطع خيره، ولا يقف عطاؤه، والموظف النموذجي يذهب إلى عمله بانشراح صدر، وتبسم وبشر، ويتقن عمله، فيرضي ربه، وينفع نفسه ووطنه، والمرأة ترعى أولادها، وتحافظ على تماسك أسرتها، وتسعد من حولها.

وفي هذا المضمار سعت دار الفتوى إلى تنظيم نشاطات دورية مناسبة للفئات العمرية من البرامج والرحلات والتجمعات والدروس والمحاضرات والأذكار والأوراد وتذكيرهم بأهمية العمل للآخرة مستخدمة وسائل التواصل الاجتماعي ليتمكن كل فرد من المشاركة حيث كان وأين كان بكل سهولة ويسر وبهذا استطاعت دار الفتوى أن تحقق في المجتمع أثرًا إيجابيًّا يجعل المجتمع في ارتقاء متنام، وتقدم متزايد، يطمح إلى التميز، ويهدف إلى الفاعلية والبناء وإثارة التحدي، على قاعدة أن الصخرة إذا اعترضت ماء يجري فإن الماء لا يتوقف بل يذهب يمينًا ويسارًا ليتجاوزها، وهكذا نحن فلا تستوقفنا الصعوبات، ولا تمنعنا المعوقات ونقضي على اليأس وكراهية الحياة وحب الانتحار وقتل النفس كما هو منتشر في بعض البلاد، حقًّا إن التفاؤل يغير وجه الحياة إلى الأفضل.

الشباب

إن الله بعث نبيه محمدًا في العمر الأربعين، وجعل في الشباب قوة وعملًا، وطاقة وأملًا. وإن تقدم الأوطان يحتاج  إلى طاقاتهم فهم ذخر الوطن وعدته، وقوته وطاقته، وقلبه النابض، وثروته المتجددة، وحاضره المشهود، ومستقبله الموعود، فلديهم آمال وطموحات، وقضايا وتحديات، وبهم تنهض المجتمعات، وتتحقق الإنجازات، وفيهم الهمة والعطاء، والخير والبناء، ولديهم مؤهلات وقدرات؛ ولذلك أمر …

الشباب قراءة المزيد »

الاندماج

إن الكلام عن الاندماج يتناول دراسة كافة العوامل التي تؤثر على العلاقات بين الأفراد وتُمكِّنهم من التأقلم والانسجام مع مجتمعهم. كما يتناول دراسة الآليات والوسائل التي يُمكن من خلالها المحافظة على المجتمعات في حالة من الاستقرار والاتزان وبالتالي المحافظة على استمرار نفعها، ومسألة الاندماج من أبرز العوامل التي تؤثر على مستوى انخراط الفرد بالمجتمع ومراعاته …

الاندماج قراءة المزيد »

صِفَةُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم

كان المصطَفى رَبْعَةً مِنَ الرِّجَالِ أي مَربوعَ الخَلْقِ مُعتدِلَهُ لا مِنْ قِصَارِ الرّجَالِ ولا مِنَ الطِّوال لكِنَّهُ كانَ إلى الطولِ أقرب، وكانَ بعيدَ ما بينَ الْمَنكِبَين أي عريضَ ما أعلى الظَّهرِ والصَّدرِ وهو دليلُ النجابةِ، والمنْكِبُ مَجْمَعُ العَضُدِ والكَتِفِ. وفي الصَّحيحِ مِنْ طريقِ البراءِ بنِ عازب أنَّ شعرَهُ كانَ يبلغُ شحمةَ أذنِهِ أي إذا أخذَ منهُ، وفي روايةٍ يوفّرُهُ …

صِفَةُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم قراءة المزيد »