إن الله بعث نبيه محمدًا في العمر الأربعين، وجعل في الشباب قوة وعملًا، وطاقة وأملًا.
وإن تقدم الأوطان يحتاج إلى طاقاتهم فهم ذخر الوطن وعدته، وقوته وطاقته، وقلبه النابض، وثروته المتجددة، وحاضره المشهود، ومستقبله الموعود، فلديهم آمال وطموحات، وقضايا وتحديات، وبهم تنهض المجتمعات، وتتحقق الإنجازات، وفيهم الهمة والعطاء، والخير والبناء، ولديهم مؤهلات وقدرات؛ ولذلك أمر النبي صلى الله عليه وسلم باغتنامها، فقال:«اغتنم خمسًا قبل خمس، وذكر منها: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك…». وإن اغتنام الشباب يجعلهم أهم قوة وطنية لبناء الحاضر، وركنًا أساسًا في رحلة الانتقال إلى المستقبل.
ولذا كان الشباب محل اهتمام دار الفتوى وعمدتها في الحاضر والمستقبل وهي تبذل جهدها الكبير لإعداد القيادات الشبابية السويدية التي تحمل الكفاءات العلمية والمؤسسات الشبابية التي ترفع فيها قدراتهم وتنمي مهاراتهم وتصقل خبراتهم تمهيدًا ليتحملوا مسؤوليتاهم في شتى المجالات ويكملوا مسيرة العلم والعطاء في القارة العجوز.
فأسست المكاتب الطلابية من شباب وشابات المدارس والجامعات، المشمرين عن سواعد الجد والعطاء وعلى رأس عملها إقامة الدورات الأكاديمية لمساعدة طلاب المدارس والثانويات بدورسهم المختلفة وتأهيل الطلاب الراغبين بخوض امتحانات الدخول إلى الجامعات ودورات التقوية باللغات المختلفة وعلوم الكومبيوتر المتنوعة ودورات التقوية في إظهار المشاريع الهندسية وتنظيم المسابقات الثقافية بالمناسبات المختلفة وإقامة احتفالات المتفوقين والناجحين في المدارس والجامعات وتنظيم المؤتمرات والندوات والاحتفالات والحملات البيئية والصحية والرحلات الترفيهية والسياحية واللقاءات التعارفية والدورات الرياضية والأنشطة الرمضانية.
كما أن دار الفتوى لا تُغفل الدورات الدينية المستمرة بالأعطال والمناسبات بكتب العلماء المختلفة والعلوم المتعددة لتخرج جيلًا يحافظ على هويته ويعتز بدينه ويخدم بلده ويقدر على التعايش والتعاون مع محيطه ومجتمعه ويحمل فكرًا مستنيرًا يُظهر الصورة الحقيقية للإسلام ومنهجًا معتدلًا بعيدا عن الغلو والتطرف البغيض، إلى غير ذلك مما تتطلع له دار الفتوى من بناء مؤسسات وجمعيات تستغل فيها طاقة هؤلاء الشباب وتستوعب فيها قدراتهم وإمكانياتهم.
كما وتوجه دار الفتوى الشباب لاختيار الاختصاصات المناسبة لطاقاتهم والتي تشتد إليها حاجة أمتهم وأوطانهم كما وأنها ترسل البعثات الدراسية إلى خارج السويد إكمالًا وإتمامًا لمسيرة العلم والعطاء.
فالشباب هم سفراء أقوامهم في طلب العلم، حتى يرجعوا به إلى أوطانهم؛ قال نبينا صلى الله عليه وسلم: «أحب الناس إلى الله تعالى أنفعهم للناس» وقد كان الصحابة يرحبون بطلبة العلم أيما ترحاب ويقولون لهم مرحبا بوصية رسول الله.
وإن الشباب اليوم مطالبون بمواصلة مسيرة الآباء، والحفاظ على إنجازاتهم، فبالشباب الواعي ترقى الأمم، وبالأخلاق تدوم مكانتها، وبالقيم النبيلة، والأخلاق الفاضلة نحافظ على حضارتنا، ونحمي منجزات وطننا.