لقد أولت دار الفتوى الرياضة البدنية اهتمامًا بالغًا لما لها من التأثير الكبير في تحسين المزاج، وهو ما ينعكس بقوة على مستوى أدائنا العام، فأنشأت الفرق الرياضية المختلفة من كرة القدم وكرة السلة والكرة الطائرة والفروسية والسباحة وألعاب الفنون القتالية والشطرنج والداما للرجال والنساء والأطفال، ونظمت مباريات ودورات تهدف إلى رفع المستوى الرياضي، وترنو إلى مزيد من التفاعل بين الأندية والفرق الرياضية وتحقيق منفعة الأبدان، وتشكل هذه النشاطات عامل ترويح عن النفوس، ودافعًا لمزيد من العطاء، وفسحة لاكتساب الخبرات، وفرصة للتنافس الرياضي البعيد عن التعصب الأعمى، وهي باب لتفريغ الطاقات وملء الفراغ بالنافع المفيد، فلا يستغل في الانحلال والفساد،كما أنها علاج للاضطرابات النفسية والقلق والتوتر وتحارب الكبت والانطوائية خصوصا عند الشباب.
وقد اهتم الإسلام بالرياضة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :« إن لجسدك عليك حقًا»، ولا شك أنّ ممارسة الرياضة يوميًّا من شأنه أن يجعل نومك أفضل في المساء، وإن التحلي بالقوة البدنية والصحة الجسدية يكون عونًا للإنسان في حياته، فيقوم بأعماله وواجباته، ويؤدي عباداته الشرعية من الصلاة والصيام والحج وغيرها بسلاسة وسهولة.
ومن الصفات التي مدح بها القرآن الكريم طالوت أن الله عز وجل وهبه القوة الجسدية {وزاده بسطة في العلم والجسم}. فكان ذلك من مقومات نجاحه وتميزه.
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يربي أصحابه على القوة والفتوة والرجولة ومعالي الأمور، فكان يقيم لهم المسابقات، وينافس بينهم في المصارعات، وكان هو القدوة لهم في ذلك؛ وقد صارع ركانة بن يزيد، وكان من أقوى الرجال في الجاهلية، فطلب أن يصارع النبي عليه الصلاة والسلام ـ فصارعه النبي وصرعه.
وحث النبي عليه الصلاة والسلام على تعليم السباحة فقال صلى الله عليه وسلّم: «علّموا أولادكم الــســبــاحــة والــرمــاية» رواه السيوطي، فهي مهارة حياتية مهمة للدفاع عن النفس أو الخروج من مواقف خطرة بأقل أذى، وتحرك كافة أجزاء الجسم، فتقوي بذلك عضلات المعدة والظهر والأكتاف والسواعد والأرداف والفخذ وباقي عضلات الرجل. كما أنها رياضة مناسبة لمن يعاني من آلام الظهر لأنها تخفّف حمل وزن الجسم وتسمح بتحركه في الوقت نفسه، وتساعد في تنظيم النفس وتمرين عضلات القلب وتحسين اللياقة البدنية عامة.
وكان عليه السلام يشجع المسلمين على الرمي ويأمرهم بتعلمه وينهاهم عن تركه بعد إتقانه فمر يوما على جماعة من الأنصار يرمون فقال: «ارموا بني إسماعيل فإن أباكم كان راميًا» (رواه البخاري).
وكان صلى الله عليه وسلم يَمشِي مشيَة قَوِيَّة مُسرِعَةً مشية أهلِ الْجِدِّ والهمة كأنما ينحط من صبب، وكان يمشي مع أصحابه رضي الله عنهم، ويمشي مع زوجاته رضي الله عنهن فعن السيدة عائشة رضي الله عنها أنها كانت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر قالت: فسابقته فسبقته، فلما حملت اللحم سابقته فسبقني، فقال:«هذه بتلك السبقة.»
هذا ويؤكد الأطباء أن الرياضة تساعد على ضخ الدم إلى جميع أجزاء الجسم، وتنظيم الدورة الدموية، وتحسن عمل المخ والقلب، وتقوي العضلات وتمنع ترهلها، وتزيد مرونة المفاصل، وتكسب المرء النشاط والحيوية، كما وأن الطاقة المبذولة فيها تزيل الشحوم والدهون، فتنقي البدن من الشوائب والسموم، وتمنع الأمراض وتحارب السمنة.